ما بال الحال اليوم يتبدل في زمنٍ أصبحنا نصدق فيه الوهم ونكذب فيه الواقع، ما بال الحال اليوم يتبدل في زمنٍ أصبحنا نستقوي فيه على الضعفاء، وما بال الحال اليوم يتبدل في زمنٍ أصبح فيه الرويبضات يتحكمون بزمام الأمور ويتقدمون فيه على أصحاب الفكر والثقافة، ما بال الحال اليوم يتبدل عن الغاية التي خُلقنا من أجلها من عمارة الأرض إلى هدمها، وما بال الحال اليوم أصبحنا نطبل ونزمر فيه لأهل الباطل وأصبحنا نحتقر فيه أهل الحق لنقول عنهم دراويش، وما بال الحال اليوم يتبدل في زمنٍ ليس فيه لأقلامنا صوت، وما بال الحال اليوم يتبدل في زمنٍ تشققت فيه أوراقنا التي خطينا عليها بأيدينا.
للأسف تشتت بوصلة المركب التي نسير بها عن الاتجاه الصحيح حتى أصبح للمركب أكثر من قبطان يقودها حسب مزاجه وفكره، أصبحنا تائهين وسط بحرٍ من الوهم، وتشتت بوصلة المركب التي نسير بها عن اتجاه العدالة حتى أكل القوي حق الضعيف، وقد تشتت بوصلة المركب التي نسير بها عن اتجاه الفكر والثقافة حتى أصبحوا رويبضات هذا الزمان يقودونه نحو الغرق، وتشتت بوصلة المركب التي نسير بها عن الغاية التي خُلقنا من أجلها حتى أصبحت الغاية من عمارة الأوطان إلى هدمها، وقد تشتت بوصلة المركب التي نسير بها عن سماع صوت أقلام المفكرين، وقراءة أوراق العلماء، حتى تبدلت إلى شاشات يقف خلفها التافهين، وأصحاب المصالح الدنيوية.
ما كل ذلك إلا نذير لبني البشر بأن الزمان لن يقف على تلك الحال، وأن خلف كل ظلمة ألم سوف تشرق شمس الأمل، وأن هناك بداية لكل نهاية، ونهاية لكل بداية، وأن القريب سيصبح بعيدًا، والبعيد سوف يصبح قريبًا، وسيغير الله من حالٍ إلى حال بإذنه سبحانه وتعالى.